سورة فصلت - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فصلت)


        


فصلت: بينت. لا يسمعون: لا يطيعون. أكنّة: أغطية، جمع كنان. وقْر: صمم. غير ممنون: غير مقطوع، فهو دائم بلا مَنّ.
حاميم: حرفان من حروف المعجم افتتحت بهما السورة، لإثارة الانتباه والتدليل على إعجاز القرآن.
ان هذا القرآن منزل من عند الله الرحمن الرحيم. وتتكرر هاتان الصفتان من الرحمة دائما لأن الله تعالى رحيم بعباده سبقت رحمته غضبَه، وحتى يعلم الناس ان الله تعالى رحمن رحيم بخلقه، بابه مفتوح لهم دائما حتى لا يقنطوا من رحمته، فالقرآن رحمة من الله تعالى، والرسول الكريم رحمة من الله {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
وهذا القرآن كتاب بُيّنت آياته وفصّل فيه الحرام والحلال والنصائح والمواعظ والاخلاق، بلغةٍ عربية فصيحة، ميسّراً فهمه لقوم يعلمون معانيه ومقاصده، ومراميه الانسانية الخالدة.
ولقد أُنزل هذا الكتاب العظيم بشيراً لمن أطاع ونذيرا لمن عصى.
{فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} فلم يطيعوه ولم يقبلوه كأنهم لا يسمعون.
ثم صرحوا بإعراضهم عنه فقالوا: إن قلوبنا مغلقة دونه عليها الأغطية، فلا تقبله، وفي آذاننا صمم فلا نسمع ما تدعونا اليه، وبيننا وبينك يا محمد حجاب ساتر يمنعنا من قبول ما جئت به.
{فاعمل إِنَّنَا عَامِلُونَ}
فاعمل ما شئت، فاننا لا نَحيد عن موقفنا منك ومن دعوتك.
قل لهم ايها الرسول: ما أنا إلا بشر مثلكم يوحَى إليّ من الله بأن الهكم الذي يجب ان تبعدوه هو الله الواحد الأحد.
{فاستقيموا إِلَيْهِ واستغفروه...}
فاستقيموا في افعالكم متوجهين اليه، واطلبوا اليه المغفرة فانه رحيم يحب التوابين، والويلُ والهلاك لمن أشرك به، وبخل بمالِه فلم يعط الفقراء والمحتاجين قليلا منه.
{وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ}
وينكرون البعثَ والجزاء. ونرى ان منع الزكاة مقرونٌ بالكفر لأن أحبَّ شيء إلى الإنسان هو المال، وهو شقيق الروح، ولذلك شدّد الله تعالى في هذا الموضوع وأمَرَ بالبذل والعطاء.
والزكاة كانت معروفة قبل الهجرة، وهذه الآية مكية، ولم تكن محدَّدة، وانما فُرضت وحُددت في المدينة في السنة الثانية من الهجرة.
ثم بين الله ما للمؤمنين عنده تعالى حتى يظهر الفرقُ بين المحسن والمسيء فقال: {إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}
جزاؤهم دائم غير مقطوعٍ بلا منٍّ ولا أذى عند رب غفور رحيم.


أندادا: امثالا. الرواسي: الجبال الثابتة الرواسخ. أقواتها: أقواتَ اهلها. سواء: كاملة لا نقصان فيها ولا زيادة. استوى إلى السماء: قصد نحوها. دخان: مادة غازية أشبه بالدخان. فقضاهن: خالقهن. امرها: شأنها. بمصابيح: بكواكب ونجوم كما نراها. وحفظا: حفظناها حفظا من الآفات.
قل ايها الرسول لهؤلاء المشركين: كيف تكفرون بالله الذي خلق الأرض في يومين، وانتم مع هذا تجعلون له شركاء أمثالاً له! {ذَلِكَ رَبُّ العالمين}. وجعل في الأرض جبالاً ثابتة من فوقها لئلا تَميدَ بكم، وجعلَها مباركة كثيرة الخيرات، وقدر فيها أرزاقَ أهلِها حسبما تقتضيه حكمته، كل ذلك في اربعة ايام متكاملة.
وقد جاء في القرآن الكريم ذكر اليوم والايام، ففي سورة الحج {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]. وفي سورة السجدة الآية 5 {يُدَبِّرُ الأمر مِنَ السمآء إِلَى الأرض ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} وفي سورة المعارج الآية 4 {تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.} ان هذا اليوم الذي نعيش فيه ونعرفه مرتبطٌ بالأرض ودورانها حول نفسها، فاذا خرجنا من منطقة الأرض إلى الفضاء الواسع الفسيح اختلفت المقاييس، ولم يعدْ للزمن حدود، وان سَنَتَنا 365 يوما، بينما سنة عطارد وهو اقرب الكواكب إلى الشمس 88 يوما فقط حسب دورته حول الشمس، وان ابعد الكواكب وهو بلوتو تقدّر سنته بنحو 250 سنة، لأنه يتم دورة واحدة بهذا الزمن، وهكذا فان الزمن نسبي. ان ايام الله هو يعلم مداها، ولا شك بانها أطول بكثير من ايام الأرض المعروفة.
{ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ}
ثم توجهتْ إرادته تعالى إلى السماء وهي غاز هو معروف بالسديم الآن، وخلقَ السموات والأرض على وفق ارادته، فقال للسماء والأرض، ائتيا طائعين أو مكرهتين بما وضعتُ فيكما من التأثير، وأبرِزا ما أودعتكما من الأوضاع المختلفة والكائنات، وائتيا في الوجود على ما أردتُه لكما، قالتا: أتينا طائعين لك أيها الخالق العظيم.
والمراد هنا من هذا التعبير تصويرُ قدرته تعالى فيهما وامتثالهما بالطاعة لأمره. فخلقَهن سبع سموات في يومين من أيامه، واوحى في كل سماءٍ أمرها وما أُعدّت له واقتضته حكمته، وزين السماء الدنيا التي نراها بالنجوم المنيرة كالمصابيح في أقرب المجرّات الينا التي نعيش على اطرافها، وهي المعروفة بدرْب التبّانة، والتي يقدَّر قطرها بنحو مئة الف مليون سنة ضوئية. وجعل لهذه الأرض غلافاً جوياً يحفظها من كل سوء.
{ذَلِكَ تَقْدِيرُ العزيز العليم} الذي يمسك هذا الكون، ويدبر الوجود كله بقدرته وحكمته.
قراءات:
قرأ يعقوب: {سواءٍ} بالجر. والباقون {سواءً} بالنصب.


صاعقة: عذاب شديد ينزل بهم. من بين أيديهم ومن خلفهم: من كل مكان. ريحاً صرصرا: باردة تهلك بشدة بردها. نحسات: نكدات مشئومات. أخزى: اذل. الهُون: الهوان، الذل.
فإن أعرضَ المشركون عن الإيمان، فقل لهم ايها الرسول: انني أنذركم بعذابٍ شديد مثل ما حلّ بعادٍ وثمود، اذ جاءتهم الرسُل من جميع النواحي ونصحوهم أن لا يعبدوا الا الله، فردّوا عليهم بقولهم: لو أراد الله إرسالَ رسولٍ لأنزل الينا ملائكة. {فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} فاستكبروا في الأرض بغير حق وقالوا مغترّين بأنفسهم: من أشدُّ منا قوة؟ قالوا ذلك ولم يروا ان الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة، {وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}.
وبعد ذلك يبين الله مصيرهم المشئوم فيقول: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً....}
ريحاً باردة تهلك بشدّة بردها، ولها صوتٌ مخيف، ارسلناها في ايام مشئومة لنذيقَهم عذاب الذل والهوان في الحياة الدنيا، ولَعذابُ الآخرة أشدُّ خِزيا، يوم لا يستطيع احد ان ينصرهم منه.
واما ثمود فإننا بينّا لهم طريق الخير وطريق الشر، فاختاروا الضلالة على الهدى، فأصابتْهم صاعقة أحرقتْهم وتركتهم في ذلٍ وهوان {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الذنوب والجحود.
وأما الذين آمنوا وكانوا يعملون الصالحات ويتقون ربّهم فقد نجّيناهم.
قراءات:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: {نحْسات} باسكان الحاء. والباقون: {نحِسات} بكسر الحاء.

1 | 2 | 3